السبت، 25 أغسطس 2018

هل أنت مؤدب مع ذاتك ؟



بينما نحن نتشارك جلسة المساء صاحت أختي الصغيرة موبخه ذاتها بكلمة [أنا غبيه] بسبب تفويت مشاهدة مسلسلها المفضل عالجت الفكرة في حينها بقولي: أنت ذكية جداً لكن عقلك مزدحم بأمور شتى ولم يستطيع تذكر الموعد بالمرة القادمة وقتي المؤقت.

هذا الموقف جعلني أتذكر كثير من الحوارات التي تتم أمامي ويصف فيها الشخص ذاته بصفات سيئة مثل [أحمق، حقير، غبي، ما عندي سالفة] أو شتم نفسه بتشبيهها بالحيوانات وأنتم بكرامة والسماح لنفسه وللآخرين بنعته بهذه المصطلحات دون أن يشكل هذا الأمر بالنسبة له مؤشر خطر.

فتبادر إلى ذهني سؤال: هل أنت مؤدب مع ذاتك؟ قبل أن تكون مؤدب مع الآخرين؟ ولماذا يجب أن تكون مؤدب؟


أعلى طموحات الشخص السوي دنيا وأخره [ذكر بمعروف في الدنيا وحسن مقام في الآخرة] 

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أكمل الناس إيمانا أحاسنهم أخلاقا، الموطئون أكنافا، الذين يألفون ويؤلفون، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف "

وتلك الطموحات لا تصل إليها الا بحسن الخلق وحسن الخلق لا يأتي من فراغ فالنفس كالطفل تتربى على يد مربيها فأن حدثت طفلك بأدب وناقشته بأدب وعملته بأدب سوف يظهر هذا التعامل والتربية في شخصيته بشكل تلقائي خلال وجوده مع الآخرين ولهذا يقال: هذا طفل أحسن أهله تربيته وذاك طفل لم يصب أهله في تربيته.

إذن دعونا نبحر معا في المعنى اللغوي للأدب: والذي يصف بأن الأدب هو جمع لـ (هذَّب، ربَّى، علَّم، ثقَّف).

والمعنى الاصطلاحي له هو: معْرِفةُ قواعد التَّهْذيب وأصُول التّصرُّف الاجتماعيّ والأخلاقيّ المقرّرة والمتعارَف عليها، ومُمارستها، وتَطْبيقها، ومَعْرِفَة قواعِد التّعاطي مع النَّاس، ومعاشَرتهم بلياقة ولباقة

وبعد التعريف اللغوي والاصطلاحي للأدب هل نحن مؤدبين مع ذواتنا؟ 
هل وضعنا قواعد للتعامل مع ذات بأدب؟ هل هناك قواعد تشمل:
·        أدب بالحديث مع ذاتك والحديث عنها.
·        أدب الجلوس منفردا.
·        أدب الخلوة مع الذات.
·        أدب التواصل في مواقع التواصل الاجتماعي رغم شخصيتك الافتراضية.
·        أدب تغذيه عقلك وجوارحك بكل ما هو مشاهد ومسموع ومقروء.

من المظاهر التي تدل على فقدان الآدب مع الذات:

v    التقليل منها وشتمها.
v    الحوار الداخلي السيء مع الذات وذكر سلبياتها ونكران محاسنها.
v    السماح للأخرين بالتهميش والشتم.
v    عرض كل أمر سيئ على النفس دون رادع.
v    مجالسة الغير أكفاء واختيار رفقاء السوء.
 وكل تصرف يسيء لذاتك ويشوه داخلك هو دليل عن سوء ادبك مع ذاتك.

وبعد استعراضي للمظاهر كيف ممكن تتأدب مع ذاتك:

1.     تزكية النفس عن طريق أمرين التخلية (عن كل ما يعيق النظرة الإيجابية لذاتك من ذنوب ومعاصي وسلوكيات تمارسها في سرك ومع أصدقائك المقربين والتحلية (وتتم عن طريق الاجتهاد في العبادة والعقيدة إصلاح الحال مع الله ومع البشر في الظاهر والباطن]
2.     الخلوة بالذات ومعرفة نقاط القوة والضعف الذاتية والعمل على تعزيز نقاط القوة ومعالجة نقاط الضعف.
3.     التشبه بالكرام والأخيار (البحث عن قدوة صالحة والسير على خطاها)
4.     الحديث النفسي الإيجابي مع الذات باستمرار حتى تتمكن من إدارة حوار إيجابي فعال.
5.     اختيار الرفقة الصالحة.
6.     مراقبة كل ما يتم عرضه على وعقلك وجوارحك لعظيم الأثر الذي يتركه هذا الأمر في شخصيتك وتواصلك مع الآخرين.
7.     تهذيب اللسان بتحفيزه على الكلام الحسن وذكر الآخرين بشكل حسن.
8.     القراءة في الآدب والكتب ومرافقة الأدباء.
9.     العزلة بين حين وأخر.

ونختم بالعاشرة: لكل شخص منا عزيز نريد أن نكون أمامه بأبهى حله وأجمل مظهر وأفضل خلق.
فضع فكرة أنك مراقب من شخص عزيز عليك لا ترغب بأن تظهر أمامه بسلوك سيء هذا يساعك بشكل كبير أن تتأدب مع نفسك.



هناك تعليقان (2):

  1. جميل جدا جزاك لله خيرا

    ردحذف
  2. شكراً من القلب على مقالك الهادف.. اسأل الله ان يبارك لكِ في علمك وان يزيدك من فضله⁦..

    ردحذف